26 - 06 - 2024

إيقاع مختلف| أنا عمر يسكنه الميكروفون

إيقاع مختلف| أنا عمر يسكنه الميكروفون

هذا ما أشعر به فى هذه اللحظة تماما، وأنا أنظر إلى اثنتين وثلاثين سنة مضت من حياتى قضيتها أمام هذا الساحر العجيب.

حين أكون أمام ميكروفون الإذاعة،  فإنى أشعر بأنى فى مكانى الأثير، بل إننى أشعر أننى على عرش فريد، لاسيما حين تجمعنى والميكروفون كلمة شاعرة، ساعتها أشعر أنى فى مركز دائرة الدنيا، وفى الوقت ذاته أشعر أن وزنى يصير أخف، وكأننى أوشك على أن أطير.

صحيح أنى أعشق العمل الإذاعى بكل أشكاله، فأجد فى محاورة العقول المتميزة متعة متميزة، وفى التجوال بين صفحات الكتب عمرا فوق العمر، وفى متابعة الأحداث الثقافية الجادة بهجة خفية لا مثيل لها، لكن متعتى بالكلمة الشاعرة أمام ميكروفون الإذاعة متعة استثنائية تصيرنى طائرا حقيقة لا مجازا.

وكم كانت سعادتى باستعادة إذاعة البرنامج العام واحدا من أجمل برامجه الشعرية "قطرات الندى"، هذا البرنامج الذى طالما حمل كلمتى الشاعرة، إلى جوار كلمات كبار شعراء العربية،  إلى الفضاء عبر صوت الإذاعية الفنانة الراحلة سلوان محمود، ومن قبلها عبر أصوات طائفة من الفنانين المبدعين بإخراج رشيق للمبدع "عبد الفتاح سراج"، وكم كانت سعادتى بالغة بأن أشارك فى تقديمه مع الزملاء من أصحاب الروح الشاعرة والصوت الجميل: سعد عطية، جيهان الريدى، عزت سعد الدين، دون أن نضن على مستمعى البرنامج العام بحلقة أسبوعية من تراث هذا البرنامج المدهش.   

صحيح أن "دعاء الكروان" يظل  محلقا فى سماوات الروح، حيث لا يدركه سواه، لكن "قطرات الندى" يمنحنى بهجة فوق بهجة، ويبعث فى النفس عطرا قادما من زمن جميل.

فخور بأنى أنتمى إلى هذا الكيان السامق الذى تربت عليه الأجيال المصرية المتعاقبة منذ ما يقترب من تسعين عاما وحتى اليوم  "البرنامج العام" الذى لم يخن رسالته يوما، ولم يرتض أن يتنازل عن سدة عرشه النبيل الجليل، تحت دعوى التبسيط أو العصرنة أو مسايرة التيار، فقد ظل واعيا بأن عليه هو أن يصنع الذوق العام، لا أن ينصاع إلى فساده، وأن يقاوم أى تشوه يطرأ على المعنى أو الذوق أو القيمة.
-----------------
بقلم: السيد حسن

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان